بقلم:
عبد الرحمن ياسر
مما لا شك فيه أن حب الوطن من أسمى وأجل المعاني، فلا بد أن
يحب المرء الوطن الذي شب على أرضه و ترعرع بين جنباته. فحب الوطن هو المحرك
الأساسي لنهضة الشعوب ونموها، فمن دون انتماء للوطن تندثر الثقافة وتبهت الهوية
حتى تتلاشى، فتضيع بين الأمواج المتضاربة للثقافات المختلفة.
ومن المؤكد أن لحب
الوطن دورٌ كبير في اتزان الفرد وتمسكه بهويته، مما يبثه فيه من شعور بالأمان،
وارتباط وحنين لبلاده.
لكن حب الوطن لا ينبع من الفراغ، ولا يظهر من تلقاء نفسه؛ فهنا يبرز دور الأسرة في
غرسٍ لقيم حب الوطن والانتماء. فلا شك أن الأسرة هي المجتمع المصغر الذي يعد الفرد
للمجتمع الأكبر، ولذلك، فإن الأسرة بدورها مسئولة عن تأسيس الطفل على أسس الانتماء
والحب لوطنه؛ وهذه القيم مستوحاةٌ من التعاليم الدينية الموجودة بالكتاب والسنة
النبوية الشريفة. فيجب أن يربى الآباء أبناءهم على أن حب الوطن من حب الله عز وجل
وطاعته، وكيف ينبغي للفرد أن يتعاون مع أفراد مجتمعه للارتقاء بالوطن ورفع مكانته.
ولعل ما يؤكد على أن تعاليم ديننا الإسلامي تحث على حب الوطن، ما صح عن النبي صلى
الله عليه وسلم أنه وقف يُخاطب مكة
المكرمة مودعاً لها وهي وطنه الذي أُخرج منه ، فقد روي عن عبد الله بن عباسٍ (رضي
الله عنهما) أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكة :" ما أطيبكِ
من بلد ، وأحبَّكِ إليَّ ، ولولا أن قومي أخرجوني منكِ ما سكنتُ غيرك. "وهنا نرى حب الوطن في أسمى صوره وأجمل
معانيه.
ولكي تتحقق التنشئة السليمة على حب الوطن، لا بد أن يقوم الوالدين بتربية الأبناء
على المشاركة المجتمعية والتعاون، وغرس القيم الصحيحة عن طريق القصص والحكايات
والعبر، والاستشهاد بالأمثلة كتعلق النبي ﷺ بوطنه، وتذكير الأبناء
بأمجاد أجدادهم في سبيل تحرير الوطن، وتعليمهم التضحية في سبيل الوطن والصبر على
الظلم والبطش وفساد الحكام؛ كما يجب أن نربي الناشئة على العادات والثقافة السليمة
ليكونوا حماة الوطن وسفرائه بالخارج، والتمسك بهويتهم وعدم الانسلاخ عنها، وعدم
التأثر بالأفكار التي تهدف إلى طمس نور الوطنية ومحو الثقافة. وبذلك تكون الأسرة
قد غرست النواة التي هي عماد الأمة وحجر أساسها في المستقبل...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق