الصديق الحقيقي - قصة قصيرة

بقلم: كريم محمد رجب 
   

إنَّ للأصدقاء أهمية كبيرة في حياة كل إنسان، حيث إنَّ هناك بعض الأصدقاء الذين قد يكونون أحيانا أقرب لنا من بعض أفراد عائلتنا، وأيضاً هناك الكثير من الأصدقاء الذين قضينا معهم جميع فترات حياتنا من الطفولة حتى الشيخوخة. 

كان لي صديق اسمه : "أحمد محمد"، أحمد صديقي منذ الطفولة، فقد بدأنا سنتنا الأولي في الدراسة معا وتخرجنا معًا، عملنا معًا في شركة واحدة، ولكنه الآن ارتقى في مستواه المادي وفي عمله وأصبح لديه عائلته وبيته وسيارته وأصدقاؤه الذين فرضهم عليه الزمن والعمل، ولكن رغم كل المسئوليات التي أحاطت به مازلنا أصدقاء مقربين، ولكن ليس كما كنا من ذي قبل، فلقد ركز اهتمامه كله علي عائلته وتوفير كل احتياجات أولاده وزوجته، ولكي يؤمن لهم المستوي المعيشي المناسب، ولكن رغم ذلك مازلنا أصدقاء. 


وفي يوم من الأيام وجدت الفتاة التي أراها مناسبة لي، فأنا أعزب، وكنت في تلك الفترة متعسرا قليلاً، ومع ذلك أراد القدر أن نغرق في نهر الحب معاً، فكانت فيها كل ما أتمناه من مواصفات فتاة أحلامي، حيث أنها كانت جميلة ومتحضرة وراقية وخلوقة، وعائلتها كانت ميسورة الحال، وجاء اليوم الذي تنتظره كل فتاة وشاب، وذهبت لأطلب يدها من أبيها، وجرت المقابلة بسلاسة كجريان المياه بين جبلين، وتمت الموافقة علي طلبي، وفرحت العائلة الكريمة بدخولي دائرة عائلتهم.

وبعد الترتيب والاتفاق على ميعاد اليوم الموعود، ظهر ما لم يخطر ببال أحد، فلم تغطِ ميزانيتي ربع ما تم شراؤه و تجهيزه، ولا ما تم حجزه وترتيبه، فلقد سحبتنا الحماسة في ذيلها دون أن نشعر، وأعمي الحب بصيرتنا وغيب عقولنا بعض الشيء، فلم يرفض أحدنا طلباً للآخر، ولكن ميعاد الفرح بعد حولي ٦٨ ساعة أي ثلاثة أيام إلا أربع ساعات، فماذا علي أفعل؟ هل يذهب كل منا في طريق بعد كل ما بنيناه سوياً؟ نحن في أول عقبة نواجهها معاً ولم أستطع أن أفعل شيئا. فكرت في أن أقترض المبلغ المطلوب من أحد الأصدقاء، ولكن ابتعدت كل البعد عن التفكير في صديقي أحمد، لمعرفتي بما وراءه من ضغوط ومسئوليات، وما سألت أحدًا إلا وعجز عن مساعدتي، وتبقى لي من الوقت ٤٠ ساعة، شعرت أن قلبي توقف عن الخفقان، وفي هذه اللحظة كانت أول مرة أشعر أني لم أنجح في حياتي.. 

فجأة أعيدت لي روحي بمكالمة من صديقي أحمد قائلاً :
"سمعت أنك تواجه مشكلة مادية، فكيف أطاعك قلبك ألا تخبرني؟ أياً كان ما حدث، فهلم إلي الآن فلقد دبرت المبلغ، وأسرع يا عريس ففرحك بعد أقل من يومين!" 

فكيف لي ألا أحبه وأجعله جزءاً أساسياً في حياتي بعد أن أوقفَ حاله، وعطل نفسه، وأعطاني ما كان أولاده أولي به مني؟ وتم كل شيء كما رتبنا له.

وتلك التجربة رغم قساوتها ومرارتها إلا أنني تعلمت منها درساً لا يمكن أن أنساه، تعلمت أن: "الصديق وقت الضيق"..

هناك 5 تعليقات: