بقلم: عبد الرحمن ياســر
ربما إذا نظر الإنســان وتأمل من حوله وتطرق إلى دراسة
المشكلات الاجتماعية – لأدرك أن المجتمع دائمًا ما يدور في دُوامة من المشاكل التي
تسلم بعضها بعضًا، أو تندمج لتتفتق عن أهوال ومصائب أكبر.
ولعل هوة ملعونة قد زحف إليها المجتمع مؤخرًا – هوة
البطالة؛ وهي نتاج ترسبات من الأمراض الاجتماعية التي لم تُدَاوى، والفقاقيع التي
تقابلت مع بعضها لتنقلب إلى واحدة أكبر؛ من تعليم فاسد، وهيئات تسعى وراء الألقاب
لا الكفاءات، وأسواق عمل في حالة ارتخاء وضعف؛ محطمين بذلك طموحات وأحلام جيل
اعتاد – وللأسف الشديد – الجلوس على مقاعد المقاهي لا المكاتب.
وبالرغم من كون المشكلة تبدو - في ظاهرها - ناتجة عن
تكاسل الشباب، إلا أنهم الفئة المهمومة المحزونة، فكم من خريج أمضى أيام شبابه
منكبًا على الدراسة لكن تم رفضه في أكثر من وظيفة، لا لقلة مهاراته - بل لأن هذه
الوظيفة قد حُفِظت لأحد أقرباء مدير الشركة، أو حُجِزت لابن أحد ذي حسب وجاه.
فينتهي المطاف بالشاب المظلوم بالإقامة مع أهله دون عمل حتى متأخر سن الشباب،
فيكون بذلك عالة على أسرته ومجتمعه، وقد ضعفت إرادته واندثرت عزيمته واستَسلمَ
للَّهوِ على المقاهي – أو إذا ازدرت حالته – في المحرمات...
بيد أن مشكلات كهذه قد تبدو مترسخة في المجتمع فيصعب
انتزاعها، إلا أن محاولة فك شيفراتها وتحليلها ومن ثم طرحٍ للحلول قد تبدو خطوة لا
بئس بها؛ ولو زاد الوعي بمثل هذه المشكلات لأجدت الحلول نفعًا يلحظ. فمبدئيًا، يجب
تهيئة الكليات والتخصصات لتلائم سوق العمل، فقد لا تحتاج الدولة لوظيفة ما – على
سبيل المثال: "المحاماة" - في فترة معينة، لكننا نرى نسبة ضخمة من خريجي
الجامعات في كليات "الحقوق" مثلًا. والجدير بالذكر أن معظمهم قد لا
يعملون فيما بعد في هذا المجال!
ولذلك فالتفكير في سوق العمل مبكرًا مهم للغاية؛ وأيضًا إنشاء
مشاريع قومية توفر فرص عمل في شتى المجالات إلى جانب وضع ضوابط تحكم سوق العمل
وتعمل على تطويره من الإجراءات التي لا يجب أن يستهان بها لاتخاذ خطوة نحو الأمام
و الشروع في ردم هذه الهوة السحيقة – أي البطالة..

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق